وما من جميلِ يظلُ جميلاً فشيمة ُكل البرايا الفناء، ولكن صيفَكِ ذا لن يغيب، ولن
تفقدي فيه نورَ الجمال، ولن يتباهى الفناءُ
الرهيب بأنك تمشين بين الظلال، فما دام في الأرض ناسٌ تعيش، وما دام فيها عيونٌ
ترى، فسوف يردد شعري الزمانُ، وفيه
تعيشين َ بين الورى.
إنّ القلب بعواطفه المتشبعة يماثل الأرزة بأغصانها المتفرقة، فإذا ما فقدت شجرة الارز غصناً قوياً
تتألم، ولكنها لا تموت بل تحول
قواها الحيوية إلى الغصن المجاور لينمو ويتعالى ويملأ بفروعه مكان الغصن المقطوع.
تلاقى الجمال والقبح ذات يوم على شاطئ البحر، فقال كل منهما للآخر: هل لك أن
تسبح؟ ثم خلعا ملابسهما وخاضا العُباب
وبعد برهةٍ عاد القبح إلى الشاطئ وارتدى ثياب الجمال ومضى في سبيله، وجاء الجمال أيضاً
من البحر ولم يجد لباسه وخجل كل
الخجل أن يكون عارياً ولذلك لبس رداء القبح ومضى في سبيله، ومنذ ذلك اليوم والرجال
والنساء يخطئون كلما تلاقوا في معرفة
بعضهم البعض، غير أن هنالك نفراً ممن يتفرسون في وجه الجمال ويعرفونه رغم ثيابه، وثمة
نفر يعرفون وجه القبح، والثوب الذي
يلبسه لا يخفيه عن أعينهم.